إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145118 مشاهدة print word pdf
line-top
نحن مأمورون بمعرفة الله تعالى

كذلك إذا أخلص العبد لله تعالى؛ فعليه أن يعرف ما خُلِقَ له وما أُمِرَ به، فنحن مأمورون بمعرفة الله تعالى، فإذا قيل لك: مَنْ ربك؟ تقول: ربي الله. الرب هو الْمُرَبِّي، أو الرب هو المالك. الله تعالى هو رب العالمين؛ أي مالكهم، الملك الحقيقي لله تعالى، فرَبُّنَا الله؛ يعني مالِكُنا، وربنا الله؛ يعني مُرَبِّينا الذي ربَّانَا بِنِعَمِهِ. قال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ يعني مالكهم وخالقهم. كل ما سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم. العالم هم الخلق كلهم: رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ يعني رب الخلق كلهم.
لماذا سُمُّوا بالعالمين؟ العالم هو الذي فيه العلامة على أنه آية من آيات الله تعالى، عالم؛ يعني بهم يُعْرَفُ مَنْ أوجدهم وَمَنْ خلقهم، وَمَنْ رزقهم، والذي يملكهم؛ فكلمة رَبِّ الْعَالَمِينَ يعني رب الخلق كلهم، حيوانهم وجمادهم وأشجارها، وجميع ما في الوجود فإنه عالم؛ وذلك لِأَنَّ بِهِ تُعْرَفُ، أو بهذا يعلم العلامة الظاهرة على عظمة من أوجده ومن خلقه.
وقد بَيَّنَ الله تعالى الآيات والدلالات التي تَعَرَّفَ بها إلى خلقه؛ فَتَعَرَّفَ إليهم بهذه الآيات وهذه المخلوقات؛ ولهذا مَنْ تفكر في أصغر مخلوقات الله تعالى؛ وجد فيه علامةً ظاهرةً، وآيةً بَيِّنَةً على أنه مخلوق، وأن الذي خلقه قد أتقنه، وأن الخالق له هو المستحق للعبادة.
ولهذا لَمَّا تكلم المفسرون على مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ عَرَّفُوا ما تدل عليه الآيات من أَنَّ الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة، فإنه ذَكَّرَهُمْ أَوَّلا بأنه هو الذي خلقهم؛ أي ابتدأ خَلْقَهُمْ وأخرجهم إلى هذه الدنيا بعد أن كانوا عَدَمًا، وخلق آباءهم وأجدادهم وأسلافهم بعد أن لم يكونوا شيئا، كما قال تعالى: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ؛ يعني قد أتى عليه دهرٌ لم يكن شيئا؛ أي لم يكن موجودا، ثم بعد ذلك خلقه الله من نطفة أمشاجٍ؛ يعني سلالة كما في الآية الأخرى في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ .
فإذا تفكر الإنسان في أنه كيف أخرجه الله، وكيف طوره؛ عرف بذلك عظمة مَنْ خَلَقَهُ، وكذلك إذا تعرف أيضا على خلق آبائه وأجداده وأسلافه أبًا عن جَدٍّ، وقديما عن حديث، أو حديثا عن قديم؛ عرف أن الخالق هو الله وحده، وأنه الذي قَدَّرَ خلق هذه المخلوقات.
وكذلك قوله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ؛أي جعلها مُمْتَدَّةً مبسوطة، بسطها الله تعالى؛ ليقيموا عليها: وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ .
لا شك أن هذا كله دليل على أن الذي خلق هذه المخلوقات هو المستحق للعبادة وحده، فربنا الله: الذي ربَّانَا بنعمه.
الرب هو المعبود، الرب هو المالك، الرب هو الْمُدَبِّرُ، الرب هو الْمُرَبِّي، المالك لكل شيء، كل المخلوقات تخضع لعظمته، كل المخلوقات خاضعة لجلاله وجبروته سبحانه!
نعرف بذلك أنه سبحانه مالِكُنا، ومالك الخلق يقول الله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
والآيات في هذا كثيرة دالَّةٌ على عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وأنه مالك كل شيء.

line-bottom